عندما خرجت في صباح الجمعة في السابع عشر من فبراير لعام ٢٠١٧ قاصداً الاستمتاع بإجازتي الإسبوعية متجهاً من الدمام إلى البحرين فما هي إلا ساعة وأنا على منظر رائع أحتسي كوباً من القهوة تحت هذا المطر الجميل ..
ولكن ...
ماحدث كان عكس تخيلي توجهت نحو طريقي السريع المعتاد الذي لايشوبه ازدحام وعندما أردت الدخول إذا بطريقي تحول إلى بركة سباحة يسبح فيها من جازف أو علم أن سيارته لن تستسلم داخل البركة ،وكثير منها قد استسلم لم أجازف بالطبع وآثرت الرجوع وعكس الطريق الخطير كي أنجوا من الغرق ،ثم فتحت خرائط قوقل علها تأتيني بالحل السليم غيرت معها الإتجاه واتجهت نحو جلستي المرقوبة على ذلك المنظر الجميل ولكن ماذا أرى الطرقات تكسرت ورجال المرور انتشروا لإغلاقها وتوجيه الناس ،وكأن الذي نزل من السماء جنود لمحاربتنا وليس نفسه ذلك المطر الجميل الذي نزل على الجميع أكملت الطريق محتملاً أن الذي أخطأ هو المطر فلم يكن من المفترض عليه أن يهطل ،وإذا بي أمر بذلك الطريق الصغير على جانب الطريق السريع ولكن ماذا أرى فيه البيوت قد غرقت والسيارات قد اختفت ولاتكاد تدخله إلا في القوارب أدركت أن الذي حدث في ذلك الطريق أكبر مني وعلى الجهة المسؤولة أن تأتي برجال إنقاذ مختصين ،ثم أكملت الطريق متجهاً نحو ذلك المنظر الجميل معتقداً أن طريقي السريع الجديد أصبح سالكاً ،ولكن ماذا أرى رجل مرور توقف في البرد الشديد مغلقاً ذلك الطريق محذراً أن الوضع خطير ويطلب منا سلك الطريق الفرعي ، وبالفعل اتبعت ما أمرني به شاكراً له اتخذت الطريق الفرعي وبعد لحظات وجدت مخرجاً للطريق السريع ليس فيه من يغلقه فخرجت ظناً مني أن الأمر قد تحسن وقد تجاوزنا الأزمه ، فدخلت في طريق قد تكسر ليس فيه غيري متجهاً نحو النفق وقلبي ينبض مضطرباً فلست أعلم هل النفق سليم أم به سأغرق ، دخلت النفق ولم يكن به مايريب كنت سيعداً أنني نجوت من الخبر الأكيد .
ولكن !!
كانت المفاجئة خرجت من النفق الذي كنت به لوحدي وإذا بازدحام أمامي عجيب ماذا يحدث ياترى فنظرت إلى اليمين لأجد الناس في الطريق الفرعي سيارتهم به تغرق فقلت لعل هذا ليس في السريع ولعل السير توقف قصد مساعدة من يحتاج في ذلك الطريق الفرعي حاولت التقدم ورؤية المستقبل فلست أدري مالذي ينتظرني فوجدت تلك الفتحة التي منها رأيت فيها مستقبلي المحتوم في هذا الطريق ،فماذا رأيت ؟
رأيت السيارات تغرق في طريقي السريع ،فأغلقت الخرائط وبدأت أفكر ماذا علي أن أفعل ؟
آثرت الرجوع مرة أخرى وعكس الطريق الخطير ولكن هذه المرة ليس كي أجد نحو منظري الجميل طريقاً سريعاً سالكاً ولكن هذه المرة عدت كي أغلق الطريق .
أوقفت ساريتي في المخرج مغلقاً ذلك الطريق ووقفت على أقدامي في المنتصف أوقف الناس وأحذرهم وأخبرهم عن مستقبلهم القريب وأخبرهم من أي طريق عليهم أن يذهبوا ،وإلا فالمصير المحتوم هو انتظار المنقذين كان منهم من يتقبلني ويفهم ،وبعضهم يرفض نصحي ويتجه نحو النفق المهتري ظناً منه اني لم أستطع أن أقيِّم الحال ،ولكن جميعهم كانوا يعودون ويعكسون ذلك الطريق الخطير ثم أنظم دخولهم نحو الطريق الفرعي من جديد .
أثناء وقوفي كنت أتفكر لماذا حدث لي ماحدث لماذا اضطررت أن أقف لأوجه الناس تحت المطر ولفحات البرد الشديد .؟
فنظرت فوجدت رجال المرور ذهاباً وإياباً على هذا الطريق يحاولون أن ينظموا السير وأنا معهم متوقف على الطريق أحاول ، ثم نظرت وإذا بسيارة الدفاع المدني جاءت مسرعة تريد أن تدخل متجهة نحو تلك البركة نظمت دخولها بسرعة وأمرت الناس أن يفتحوا لها الطريق فمرت وسائقها على عجل ،ثم مر مني رجل المرور فقال لي ماذا تفعل هل أنت مكلف بالتنظيم فقلت لا ولكني رأيت نهاية الطريق فتطوعت لمساعدتكم فأثنى على فعلي وشجعني وأخبرني أن طريقاً آخر في وجه المواطنين قد تحول إلى بركة غير الطريق الذي أعرفه ،ثم أوصاني أن أبلغ المارين أثناء تنظيمي لهم وذهب لأداء مهامه ، وفجأة رجل مرور آخر خلفه شاحنة لشفط المياه مروا مسرعين من الطريق السريع نحو بركتنا الخطيرة ومازلت أفكر من هو المقصر .؟
المرور في حالة استنفار ،والدفاع المدني في كل مكان ،والمستشفيات على أهبة الإستعداد ،المواطنون رفعوا الأيدي يدعون عل المطر يتوقف وتنتهي الكارثه ، وقلبي وعقلي في تساؤل من المقصر لماذا يحدث هذا ؟
فنظرت فوجدت من لايكترث نعم لقد عرفته إنه لايهتم وإن مات مئة ألف أو غرقة ألف سيارة إنه غير موجود لابين المنقذين ولامع المنظمين وليس من المتطوعين إن في بيته نائم متنعم في إجازة الأسبوع لقد عرفت لماذا نحن نغرق عرفت من هم السبب .
إنها تلك الشركة اللعينة وذلك المقاول الخبيث ،استلموا أموالهم كاملة وقد يكونوا أخذوا عليها زيادة ومن المحتمل أن يكونوا تأخروا في تسليم مشروعهم مدعين أن حجراً قد أعاقهم ويريدن أن يرصفوا الطريق المتهالك بالشكل السليم إنهم هم أمنوا عقوبة التأخر فتهاونوا بعقوبة الغرق ..
في هذه اللحظة تذكرت قولة شهيرة لرجل حكيم ..
(( نملك المقومات والموارد الطبيعية في العالم العربي والإرادة موجودة ،لكن الأهم وجود الإدارة على مستوى الحكومات والاقتصاد والبشر )) .. محمد بن راشد آلمكتوم
نعم نحن لسنا متخلفين كي يحدث معنا ماحدث نحن نمتلك كل شيء ولكن يبدوا أن الأمانة لاتُخلق عند البعض وتفوح رائحتها الطاهرة إلا بالعقوبة ولهذا لابد على الإدارة المسؤولة أن تطيح بأشد العقوبات على من تهاون في إعمار الوطن .
لم أستطع الوصول للمنظر الجميل إلا من الغد فذلك اليوم الماطر قضيته بمساعدة الوطن والشد عليه ومنع أهله من الوصول إلى المصير المحتوم ،غير أني كتبت لك قصتي وأنا جالس أرثي الحال من على ذلك المنظر الجميل بعد الموعد المرقوب بيوم ،بعدما أشرقت الشمس على شوارعنا المتهاكلة وبيوتنا الغارقة ،وصلته بشق الأنفس فلم تزل بعض الطرقات مغلقة وبعضها غارق ورجال المرور مشكورين يؤدون مهامهم ويرشدون .
ماجد الصوينع .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق